السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أهدي هذه المقالة لأحبتي أتباع الحبيب النبي محمد صلى الله عليه وسلم أصحابه الكرام رضي الله عنهم أجمعين أهل الحق.
وكذلك إلى أهل الباطل لعلهم يهتدون.
الحق هو الصحيح الثابت الذي لا يسع عاقل إنكاره؛ بل يلزمه إثباته والاعتراف به، ومن صفاته أنه واضح لمن أراد أن يسلكه، مَنْ تَعَدَّاه ظلم، ومن قصر عنه ندم، ومَنْ صارعه صرعه . وأتباعه هم خيار الخلق، عقولهم رزينة، وأخلاقهم فاضلة، إذا عَرَفُوا الحقّ انقادوا له، وإذا رأوا الباطل أنكروه وتزحزحوا عنه.
أمَّا الباطل فهو ما لا ثبات له، وما لا يستحق البقاء؛ بل يستوجب الترك والقلع والإزالة. وأتباعه من أسافل الناس وأراذلهم وسَقَطهم، يُعْرَفُون بتكبرهم عن الحق، وجهلهم بالحقائق، بل إِنْ شئت فقل سُلِبُوا نعمة العقل، فالجهل لهم إمام، والسّفهاء لهم قادة وأعلام. فَمَا إِنْ يتكلم أحدهم حتى يُعْرَفُ فساد ما عنده، يصور الباطل في صورة الحقّ، ويستر العيوب بزخرف القول، يتلون كالحرباء، فلايثبت على مبدأ، ولكن إذا شاء طفا، وإذا شاء رسب،. فيصدق فيه المثل القائل: يُطَيِّنُ عَيْنَ الشَّمْسِ . أي ينكر الحقَّ الجلىَّ الواضحَ بحجج سخيفة، وإذا كان الساكت عن الحقّ شيطانا أخرس، فالمتكلّم بالباطل شيطان ناطق.
وقد حظيت الموازنة بين الحق والباطل باهتمام الحكماء والأدباء فقالوا: الحقُّ أَبْلَجُ، والباطل لَجْلَجٌ، والمعنى: الحق واضح مُشْرِق، والباطل غامض . ومن أقوالهم الجامعة: دولة الباطل ساعة، ودولة الحقّ إلى قيام السَّاعة، للباطل جولة ثم يضمحل، وللحق دولة، لا تنخفض ولا تذل، العاقل لا يبطل حقاً ولا يحق باطلاً، الرجوع إلى الحق خيرٌ من التمادي في الباطل، حقّ يضرُّ، خيرٌ من باطل يسرُّ .
والتدافع بين الحق والباطل أمرٌ حتمي، و سُنَّةٌ مِنْ سُنَنِ الله في كونه، وقديما قال ورقة بن نوفل للرسول صلّى الله عليه وسلّم في بداية نزول الوحي: ((إِنَّه لم يأت أحد قطّ بمثل ما جئت به إلا عُودِي)) والسبب في ذلك أن الحق والباطل ضِّدِّان، والضِّدِّان لا يجتمعان، بل لم يزل أحدهما ينفر من الآخر ويدافعه حتى يزيله ويطرده، أو على الأقل يضعفه ويمنعه من أَنْ يكون له تأثير في واقع الحياة، لذا فمَنْ حاول الجَمَعَ بين الحق والباطل لم يجتمعا له، وكان الباطلُ أولى به!!
والعجيب أنَّ أهل الباطل لا يكفيهم بقاؤهم على باطلهم، وإنما يسعون إلى محق الحق وأهله وإزالتهم، وصَدّ الناس عنهم بكل ما أوتوا من قوة، ويحْتَالُون في إِضْلَالِهم بكل حِيلَةٍ و إمالتهم إِليهم بكل وسيلة، وقد صَوَّرَ القرآن طَرَفًا من ذلك، قال سبحانه: (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) أي: ولقد كان مكرهم بالحق، وبمن جاء به من الشدة بحيث كادت الجبال بسببه تزول وتنقلع من أماكنها، لكن الله بقدرته وقوته يَرُدُّ كيدهم في نحورهم، فلا يغني عنهم كيدهم ولا مكرهم شيئا، قال سبحانه: (وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ) أي: يفسد ويبطل، ويظهر زيفهم عن قريب لأولي البصائر والنهى، فأمرهم لا يروج ويستمر إلا على غبي أو متغابٍ.
للأمانة منقول من المختار الإسلامي.