لم يعد يخفى على أحد بأن العلاقة بين نشطاء الحركة الأمازيغية في بلاد ثامزغا والسلطات الحاكمة تزداد توترا ملموسا في السنوات الأخيرة بسبب المطالب الملحة للحركة الأمازيغية المتعلقة بتغيير الأوضاع السياسية الحالية والإعتراف بالأمازيغية كلغة وهوية وحضارة وتاريخ، وبعلمانية الدستور ، وبفصل الدين عن الدولة وغير ذلك من المطالب التي تصب في اتجاه تمزيغ شمال إفريقيا واسترجاع الحرية والكرامة المسلوبتين للشعب الأمازيغي الذي يعيش تحت رحمة العروبيين، في مقابل تشبث الأنظمة العروبية الحاكمة في شمال إفريقيا بالعروبة والإسلام ورفض تخليها عن سلطتها الدينية والروحية لضمان استمرارية السيطرة على الشعب الأمازيغي، الشيء الذي جعل العلاقة بين الطرفين تبلغ حد الانحراف الذي يهدد بنسفها من جذورها ويجعل من الشعب الأمازيغي المقهور والمتماهي في صلب المركزية العربية عرضة هشة للإستعلاء النفسي والمادي لهذه الأنظمة العربية التي ترفع شعارات الحوار والدمقرطة ونشر الحريات وإحترام حقوق الإنسان في حين أن الإعتقالات في صفوف النشطاء الأمازيغيين في ارتفاع مستمر ومسلسل تضييق الخناق على الأصوات الأمازيغية الحرة لم ينتهي بعد خاصة في بلدنا الحبيب "المغرب
" الذي لا نملك بعده بلدا.
والطامة الكبرى هي أن العديد من الممسكين بزمام الأمور وكبار صناع القرار السياسي بالمغرب جعلوا بلدنا فقط كذيل تابع للمشرق العربي ويريدون تحويلنا نحن معشر الأمازيغ إلى دمى بلاستيكية أو إلى كائنات كرطونية يتحكمون فيها بآلة التحكم عن بعد ) التيليكوماند( لخدمة الإيديولوجيات المشرقية، وربما لهذا السبب كثرت الأصوات الحرة التي تدافع عن قضايا الشعب الأمازيغي الذي أصبح بسبب تمسكه بمطالبه المشروعة والعادلة حجرة عثرة في طريق التعريب والعروبة ، هذه العروبة التي نجحت في أن تكون المغناطيس الجاذب لكل التيارات الفكرية والسياسية فارضة هيمنتها الروحية والسياسية على شمال إفريقيا عامة، حتى أن الفرد الأمازيغي اختلت موازينه وفقد مرجعيته الفكرية وأصبحت معايير أعماله لا تقاس ببعدها أو قربها عن مصالح مجتمعه ومحيطه، أو عن مقتضيات الدين الإسلامي الحنيف ، وإنما إنضاف إليها معيار ثالث خطير اسمه "العروبة" التي لا نوفيها حقها إلا إذا أضفينا عليها قيمة القدسية والتسليم بعلويتها وفق موازين أرضية بحتة، فأصبحت بذلك الأمازيغية في موقع يفرض عليها أن تناضل وتكافح لتثبت للعروبة أنها أكبر من قضايا الردة العروبة والهيمنة السياسية واللغوية والفكرية والثقافية والهوياتية...الخ
ولعله من المفيد أن ألفت عناية دعاة العروبة أن يتذكروا أن الدين الإسلامي هو من عند الله حقا لا كذبا، وهو يؤمن بالحرية الشخصية والمدنية والسياسية لكل آدمي، وهو دين لا يغش ولا يتجسس ولا يحاسب الناس على نياتهم، وهو دين الحب والحرية والسلم والتعايش...الخ فعلى كرامة الإنسان يجب أن نعمل جميعا أمازيغ وعرب ومسلمين ومسيحيين ويهود وغير ذلك، وحول العلاقات الإنسانية والروابط البشرية بين الشمال والجنوب والشرق والغرب يجب أن يقوم حوار جاد وهادف تتم بموجبه إعادة رسم علاقة إنسانية تقوم على أشد الأركان التي جاءت بها اليهودية ثم المسيحية ثم جاء الإسلام بها ناصعة منيرة كأشعة البدر في الليلة القمراء، ألا وهي كرامة الإنسان، وليس كرامة الإنسان العربي على حساب تدنيس الأمازيغي لأن الأول يتكلم باللغة العربية التي هي لغة القرآن وأهل الجنة والثاني بربري لا كرامة له، فكرامة الإنسان لا تحكمها أية مرجعيات أو إيديولوجيات فكرية وسياسية وإنما هي كرامة كرم الله عز وجل بها البشرية عامة كما جاء ذلك في الآية الكريمة : }} ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات{{ صدق الله العظيم