خطبة بعنوان : أصعب ما يمكن تغييره في الإنسان . عبد السلام .. 2 - 3 - 2012 .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أيها الإخوة : هذا ملخص الخطبة ليوم الجمعة 9 ربيع الثاني 1433 ه . 02 - 03 - 2012 م .

إن الحمد لله ....

قال الله تعالى: وَٱعْلَمُواْ أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ ٱللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِى كَثِيرٍ مّنَ ٱلاْمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ ٱلايمَـٰنَ وَزَيَّنَهُ فِى قُلُوبِكُمْ

وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ ٱلْكُفْرَ وَٱلْفُسُوقَ وَٱلْعِصْيَانَ أُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلراشِدُونَ فَضْلاً مّنَ ٱللَّهِ وَنِعْمَةً وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [الحجرات:7-8].

أيها الإخوة : إن إصلاح الفرد أو الجماعة أو الشعوب لا يجيء جزافاً ولا يتحقق عفواً، وإن الأمم لا تنهض من كبوة

ولا تقوى من ضعف ، إلا بعد تربية أصيلة حقة وتغيير نفسي عميق الجذور، يحول الجمود فيها إلى حركة ، والركود إلى يقظة ..

قال تعالى :( إنّ اللَّهَ لاَ يُغَيّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ ) [الرعد:11].

ولكن هذا التغيير أمر ليس بالهين اليسير، إنه عبء ثقيل ، لأن الإنسان مخلوق مركب معقد.

لهذا يصعب تغيير نفسه أو قلبه أو فكره. ولذلك نجد أن التحكم في مياه نهر كبير أو تحويل مجراه أو حفر الأرض ..

أسهل بكثير من تغيير النفوس وتقليب القلوب والأفكار ..

إن بناء المصانع والدور والمدارس والسدود ، أمر سهل ومقدور عليه، ولكن الأمر الشاق حقاً هو بناء الإنسان وتغيير فكره وقلبه ..

وتغيير هذا الإنسان أمر عسير غير يسير، ولكننا نجد الإيمان حينما يتغلغل

ويصل إلى أعماق القلوب نجده يفعل الأعاجيب بصاحبه. فالإيمان هو الذي يهيئ النفوس

لتقبل المبادئ مهما يكمن وراءها من تكاليف وواجبات وتضحيات ومشقات وسب وشتم من الآخرين ،

وهو العنصر الوحيد الذي يغير النفوس تماماً بتوفيق الله وهدايته لأي شخص كان ..

فلو عرفنا شخصاً واحداً في عهدين من حياته ، حياته الأولى الجاهلية وحياته الإيمانية ،

لرأينا الثاني شخصاً غير الأول تماماً لا يصل بينهما إلا الاسم أو النسب أو الشكل ..

وفي التاريخ قصص وعبر لأُناس تمكن الإيمان من قلوبهم فحول حياتهم تحولا عجيباً ،

ومنها هذه القصة التي لا تفنى عجائبها ، قصة سحرة فرعون الذين أتوا إليه باستجداء يقولون له

كما في القرآن الكريم :(أَإِنَّ لَنَا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ).

ويخاطبونَ فرعونَ بعبوديةٍ فيقولون: (وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ).

فلما استبانَ لهم الحقَ وأشرقت لهم الرسالةَ، وآمنت قلوبُهم بعبوديةِ الله، وخالطَ الإيمانُ بشاشةَ القلوب ،

حدثَ تغيرُ عجيبُ وانقلابُ غريبُ ، فإذا الذين كانوا يقولون بعزةِ فرعون إنا لنحنُ الغالبون،

إذا بهم يقولون: (قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ).

وإذا الذينَ كانوا يقولونَ باستجداءٍ: (أَإِنَّ لَنَا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ).

إذا بهم يقولون لفرعونَ باستعلاء : ( فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا).

وإذا بهم يستقبلونَ تهديدَه ووعيدَه: ( لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ).

إذا بهم يستقبلونه قائلين: (قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقلِبُونَ * وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآياتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ).

ما الذي نفخ في أرواح هؤلاء السحرة ؟

يقفُ الطغيانُ الفرعونيُ عاجزا أمام القلوبُ التي خُيّل إليه أنه يملكُ الولايةَ عليها كما يملكُ الولايةَ على الرقاب،

وأنه يملكُ التصرفَ فيها كما يملكُ التصرفَ في الأجسام، فإذا هي مستعصيةُ عليه.

وماذا يملكُ الطغيانُ إذا رغبتِ القلوبُ في جوارِ الله، وماذا يملكُ الجبروت إذا اعتصمتِ القلوبُ بالله.

وفي القصة القصيرة التي رواها الإمام مسلم في صحيحه برهان مبين على مبلغ أثر الإيمان ،

ذلك أن رجلاً كان ضيفاً على النبي صلى الله عليه وسلم فأمر له بشاة فحلبت، فشرب حلابها،

ثم أمر له بثانية فشرب حلابها ثم بثالثة فرابعة… حتى شرب حلاب سبع شياه،

وبات الرجل وتفتح قلبه للإسلام فأصبح مسلماً، معلناً إيمانه بالله ورسوله،

وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم له في الصباح بشاة فشرب حلابها ثم أخرى لم يستتمه،

وهنا قال الرسول صلى الله عليه وسلم كلمته المأثورة: ((إن المؤمن ليشرب في معىً واحد، والكافر ليشرب في سبعة أمعاء)).

فيما بين يوم وليلة تحول الرجل من شرهٍ ممعنٍ في الشبع، حريص على ملء بطنه إلى رجل قانع عفيف، ماذا تغير فيه؟

إن الذي تغير فيه قلبه ليس اللحم والعظم، ولكنه ما بداخله، التحول من الكفر إلى الإيمان،

كان كافراً فأصبح مؤمناً، وهل هناك أسرع أثراً في النفوس من الإيمان؟

أرجو الله أن يُثبت قلوبنا ..

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيك أخي عبد السلام على الخطبة الرائعة

نسأل الله أن يثبت قلوبنا على الإيمان

ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

زائر

السلام عليكم
خطبتك هذه اثارت اعجابي انها حقا في غاية الروعة و ياليتني قريب لاسمعها مباشرة منك

السلام عليكم
بارك الله فيك أخي عبد السلام الله يجعلها في موازينك حسناتك يوم القيامة
جزاك الله اْلف خير

" frameborder="0" loading="lazy" allowfullscreen >

زائر

السلام عليكم
جزاك الله خيرا امامنا سي عبدالسلام
والحمدلله على كل حال فرغم
بعدنا في الواقع فهذا المنتدى يجمعنا و يشعرنا بالتواجد مع البعض

» خطبة بعنوان : الإشاعات .. ج : 1. عبد السلام .. 11/05/2012
» خطبة بعنوان : الرحمة ... ؟ عبد السلام . 20/04/2012
» خطبة بعنوان : خمس رسائل إلى الشباب . عبد السلام 06/04/2012
» خطبة بعنوان : عظمة الله .. عبد السلام الزعيم 16/03/2012
» خطبة بعنوان هيمنة الإسلام .. عبد السلام الزعيم 03/02/2012