**************************************************
أخذت الإذن بالغياب من المعلم بعد انتهاء الحصة المسائية ليوم الاربعاء بحجة التسوق والذهاب إلى الحلاق وفي الصباح الباكر أخذت من والدتي بعض الدراهم لأتسوق و لأقص شعر رأسي عند الحلاق، خرجت برفقة احد الجيران.
في الطريق المؤدي إلى السوق يتوافد الناس من كل حدب وصوب ترى من يمشي على الدابة ويردف صغيره وهناك من يمشي وراء الدابة ومنهم من ينتظر عودة شاحنة عمي ازواغ فاربونيت 504 لكن الأغلبية تفضل الدواب والترجل ذهابا في الصباح.
ما ان اجتزن المدرسة انعطفنا يمينا نحو الساقية وتمشينا بمحادتها هواء نقي ، زقزقة العصافير تنظر شرقا يشدك ضوء الشروق والشمس تتهيأ بالإطلالة على جبل لفطاطشة وخرير المياه العذبة تنحدر على الساقية باتجاه أحد الضياع وعلى جنباتها ضيعات من الزيتون وكل أنواع الخضر ،طبيعة خلابة نمشي باتجاه منبع الساقية على اليسار ترى صهريج الحاج بنعيسى اوراغ ومن هناك تسمع نباح بعض الكلاب التي أحست بمرور الغرباء أو اختراق الحدود الغير المسموحة ،مررنا على الأشجار الزيتون العملاقة والمنزل القديم المحاط بنبات الصبار ( اقوير تنهديث) المجاور للواد ، نزلنا الوادي وجدناه يجري قليلا وهناك ممر مصنوع من بعض الأحجار الكبيرة التي وضعت وسط الوادي كجسر على المار ان يستعين بالقفز على تلك الأحجار ليعبر الى الجهة المقابلة وفي حالة الجريان التي يكون منسوب المياه يصل الى الركبة على المار ان يخلع الحذاء والجوارب ويقول بسم الله مرساها ومجراها ويتوكل على الله وينظر الى الامام فقط ويتغلب على الرمل الذي ينفلت من تحت قدميه .
المهم عبرنا بسلام بالقفز على الأحجار وهناك استوقفنا منظر جميل شلال الماء تسمع اصوات مختلفة و زقزقات متنوعة لمختلف انواع العصافير فوق أشجار اللوز وفوق أنواع أخرى من الاشجار الطويلة والمختلفة وكأنك في وسط غابة أمازونية موحشة تتخيل في كل لحظة أن حيوانا مفترسا قد يهجم عليك من اي مكان ،نقيق الضفادع على جنبات السد (امداي) قنوات عدة تقسم ماء الواد الى عدة اتجاهات ساقية باتجاه ابنعيساتا وايت علا واخرى باتجاه أولاد حقون وأولاد محند أعشاب من كل نوع أخذنا معبرا صغيرا بجانب الواد يشق أحد الضيعات الى ان وصلنا العين المائية ،عبرنا الواد من جديد وهنا بدأ العياء خصوصا ونحن نصعد تلك الهضبات العالية حتى اوصلنا المسلك الى الطريق الرئيسية المعبدة اكملنا طريقنا الى ان دخلنا السوق من بابه الشمالي وأول ما صادفنا هو قيطون او خيمة الاكل حيث يقدم فيها فطور وغذاء بيض وشاي والحمص بطاطا مقلية ( فريت) قطبان سنفود اللحم المشوي ( كباب) مع كروش المشروب الغازي المحبوب و كان بعض الاشقياء يطلبون الأكل ويختارون مكان في أقصى الخيمة وحينما ينتهون من الاكل يتسللون من وراء الخيمة ويهربون دون دفع الحساب.
ووراء خيمة الاكل الكبيرة يستوقفك سوق الخضر كل واحد بيده سلة القصب الخاصة بالخضر فارغة يمر على الباعة واحدا تلوى الاخر كم ثمن البطاطس يجيبه 60 ثم يقول له 55 ريال
--مشحال مطيشا
----- (الطماطم) 70
----ديرلها غي 55 ريال يا الله اوزن .
-----يجيب البائع لا ميسلكش سير سول وارجع
تجد ايضا من يشترى من هذا الخضار شيئا ويحمل سلته ويسأل عن ثمن مناسب او نوع آخر ينال إعجابه من خضر وفواكه .
لكن في الصباح الاغلبية من المتوجين للسوق يقصدون المقاهي الشعبية حيث براد الشاي في صينية مملوءة بالكؤوس تتوسط اربعة او ثلاثة أشخاص جالسين مربعين على بساط الحلفة. منهم من يفضل الفول السوداني ( ½ كلغ من القوقو) او من يرسل احدا يشتري رغيف الخبز بويو او كوميرة مع الزيت من السيارة التي تأتي من الدريوش وتلك التجمعات تكون بين الاصدقاء والأحبة لتبادل الاخبار والمستجدات خاصة حينما يأتي كل واحد من دوار آخر او قبيلة بعيدة
فأول شيء قمت به هو الذهاب مباشرة إلى خيمة الحلاق دخلتها ووجد عنده شيخا يجلس على كرسي خشبي يحلق رأسه وأمامه لوحة كبيرة وضعت على صندوق الخضر مرآة صغيرة ومعدات بسيطة للحلاقة مشط ومقص وآلة يدوية للحلاقة . بادرني الحلاق بالسؤال أ تريد ان تحلق رأسك ؟ أجبته بسؤال بكم؟ قال 7 درهم ثمن العموم اجلس هناك .
انتظرت ما يزيد عن ربع ساعة ثم نادني عمي الحلاق جلست على الكرسي الخشبي ، بينما هو ينفض العباءة وقام بوضعها على صدري لكي لا يلتسق شعر الرأس بثيابي قبل ان يبدأ قلت له اريدك ان تحسن في قص شعري قال هل تريد تقطيعة طايز او تقطيعة ترابولتا قلت وما الفرق بينهما قال الاولى بالآلة اليديوية والثانية بالمشط والمقص طيازن بالالة اليدوية هنا تذكرت آخر مرة حلقت رأسي بالالة اليدوية وقد عضتني تلك الآلة عدة مرات رغم محاولات الحلاق بوضع الزيت فيها وحلفت ان لا احلق بها .قلت ترافولتا أحسن وشرع برش شعري بالماء وقصه بالمقص وهنا دخل رجل وابنه وتلاه زبناء آخرون إلى أن امتلأت الخيمة من الجهتين وبدأ الحلاق بسرد أخبار الأسبوع وكأنه جريدة أسبوعية أخبار محلية وإقليمية ووطنية وعالمية .كنت مرات أغفو على كرسي الحلاق . واستيقظ بين يديه حينما يوجه راسي في إحدى الاتجاهات .
وأخيرا فك الإزار وقال بصحتك يا ولدي ناولته الدراهم وبدأت أتجول في السوق . قمت باعادة حساب الدراهم المتبقية . اصحاب طاولات الحلويات يعرضون منتجاتهم وحلوياتهم استوقفني صاحب الكعك اشتريت كعكة دائرية وملونة بالاحمر فعلا كانت ألذ وأفضل ما يمكن تناول في صبيحة يوم السوق ....( تابع)