يواجه التعليم العالي تحديات عديدة على المستوى العالمي، فقد أضحت المنافسة بين الجامعات على مدى عقود عديدة تتنامى من أجل لحصول على مزيد من الابتكارات والبحوث الممولة. فالتعليم ليس خدمة تقدمها مؤسسات تربوية متخصصة فحسب، بل إنه ظاهرة اجتماعية لها بعدها التنموي ووظائفها الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، لا تنفصل عن المجتمع وإنما تسير معه في نسق تكاملي مطرد، وكلما تقدم المجتمع تقدمت المؤسسات التعليمية فيه والعكس صحيح، فالمجتمع يؤثر في التعليم ويتأثر به. كما أن مستقبل التعليم متوقف على تفهم أفراد المجتمع لرسالة التعليم ودعمها: ماديًا، وبشريًا، ومعنويًا. وحيثما كان التعليم مجودًا، كان ذلك أدعى لنهضة علمية شاملة.
وثمة تقارير وجهود بحثية ظهرت على المستوى العالمي الذي نحن جزء منه، مثل بحث “الانهيار الجليدي قادم”؛ المُعد من مايكل باربر وكاتلني دونلي وسعد رضوي والمترجم للعربية بواسطة مركز البحوث والدراسات – وزارة التعليم العالي في المملكة العربية السعودية، والذي يرى أن السنوات الخمسين القادمة سوف تشهد عصراً ذهبياً للتعليم العالي، لكن هذا فقط في حال تمسك جميع الأطراف- من الطالب إلى الحكومات- بروح المبادرة، والعمل الطموح. وإذا لم يحدث ذلك؛ فإن سيل التغير الأشبه بالانهيار الجليدي سوف يجرف هذا النظام بعيداً.
ولأن التعليم في المستقبل يأخذ صيغًا جديدة تنسجم مع طبيعة العصر المعلوماتي، يتوقع الباحثون في بحث “الانهيار الجليدي قادم”، ظهور مرحلة جديدة من احتدام المنافسة وهي تلاشي مفهوم الجامعة التقليدية ليحل محلها جامعات متقدمة تعتمد على التقنية والانفجار المعرفي غير المحدود. ويرى الباحثون أن الجامعات التقليدية متعددة الأغراض التي تمنح مجموعة متنوعة من الدرجات العلمية، وبرامج بحوث متواضعة؛ تلك الجامعات عفا عليها الدهر. فالجامعة التقليدية يجري تفكيك مهامها حالياً. كما يجب أن تتخصص بعض الجامعات في التدريس فقط، وأن تبتعد عن أسلوب المحاضرات التقليدية وتتجه إلى إمكانات التدريس متعدد الأوجه.
إن الرحلة نحو المستقبل تتطلب التعرف على جامعة المدينة العالمية؛ التي تمثل أنموذجاً حياً للمؤسسات التعليمية غير التقليدية الرائدة في مجال التعليم العالي الالكتروني. والمتأمل في رؤى جامعة المدينة العالمية ورسالتها، يشعر بنوع من الاطمئنان على التعليم في المستقبل. حيث بدأت جامعة المدينة العالمية مسيرتها القاصدة في مجال التعليم عن بعد عام 2008، مستعينة بأفضل وأحدث وسائل التعليم الإلكترونية المعاصرة، فالجامعة تسعى جاهدة بفضل الله سبحانه وتعالى، وخبرة خيرة العلماء، لتحقيق رؤيتها في الريادة، والتميز في مجال التعليم المباشر والتعليم عن بعد محلياً وعالمياً.
وتماشياً مع سياسة دولة ماليزيا الرامية إلى تشجيع التعليم العالي الخاص باعتباره شريكاً أساسياً في التنمية الشاملة عموماً والتنمية البشرية خاصة، تمثل جامعة المدينة العالمية تجربة تعليمية رائدة وفريدة ومتميزة تأخذ بأسباب التكنولوجيا في عالم الاتصالات والمعلومات. هذا وقد احتلت الجامعة مكانة مرموقة بين الجامعات الماليزية والإقليمية، على الرغم من حداثة إنشاء جامعة المدينة العالمية حيث لم تكمل عامها السابع، إلا أنها استطاعت أن تحقق العديد من الإنجازات والقفزات مقارنة بعمرها الزمني الوجيز ومقارنة بجامعات محلية تأسست منذ عدة عقود وذلك بفضل مواكبتها للمستجدات العلمية والتقنية، وتجويد الأداء، واعتمادها الصارم على تطبيق أُسس وقواعد التعليم الالكتروني من حيث التأليف والتصميم والإنتاج لكافة الوسائط التعليمية، والتي تتمثل في الكتب الورقية والالكترونية، وأنظمة الدراسة التفاعلية مثل عليم ونظام الحرم الجامعي (CMS).
وتقدم الجامعة خدمة مكتباتها الإلكترونية، والتي تمثل مصدر معلومات في كافة ضروب المعرفة، وهي متاحة لكل طالب علم وبشكل مجاني. وتبث الجامعة محاضراتها على أحدث البرامج التعليمية كبرنامج ويزيك و أيسر الأنظمة التفاعلية كنظام عليم وبوابة الطالب لتنطلق عبر الفضاء الواسع، لتصل للدارسين والباحثين في جميع أنحاء العالم.
وضمن خطواتها المتتابعة نحو التميز التعليمي، سواء أكان بالتعليم المباشر أم في التعليم عن بعد، تحرص جامعة المدينة العالمية على تنوع برامجها الدراسية – التمهيدية والبكالوريوس وبرامج الدراسات العليا – تماشياً مع متطلبات السوق وخدمة أكبر شريحة ممكنة من الطلبة متبنية بذلك أحدث الخطط والبرامج المتبعة في أعرق الجامعات، وذلك وفق رؤية علمية متأنية لتسهم بفعالية في نهضة التعليم وبنائه المعرفي لتعم الفائدة جميع العالم، إذ تتمدد الجامعة في عدة مراكز عالمية، ناقلة التعليم الجامعي بأسلوب حديث يُقتدى به.
والجامعة تضع في أولوياتها همَّ النهوض بالتعليم العالمي في أهم محاوره، وفي ضوء ذلك، أكد معالي المدير التنفيذي لجامعة المدينة العالمية على الدور الذي تقوم به الجامعة في العمل على تطوير والارتقاء بمستوى التعليم المباشر والتعليم عن بعد وتقديم جيل متميز قادر على المنافسة والعطاء في مختلف المجالات مشيراً إلى إن الهدف من تأسيس الجامعة هو إزالة المعوقات والتحديات التي تواجه تطوير التعليم وتقديم الرؤى المستقبلية في مجال البحوث الأكاديمية مشيراً إلى إن التعليم يحتاج إلى الارتقاء والتحديث الدائم ومؤكداَ على حرص الجامعة على تقديم كافة البرامج التعليمية من خلال أدوات تقنية معاصرة والتواصل الدائم مع كافه المؤسسات التعليمية وعقد الراكات الفعالة مع الجهات ذات الاهتمام المشترك.
وأخيراً، إن الرؤية المستقبلية ليست من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله تعالى، فالتخطيط للمستقبل أمر حث عليه الإسلام ومن ذلك القول المأثور : أعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا وأعمل لأخرتك كأنك تموت غدا.
فمن خلال النظر في الحاضر ومتغيراته وتحدياته، تسعى جامعة المدينة العالمية أن تؤدي رسالتها في توسيع فرص التعليم العالي، والإسهام في ابتكار المعرفة لتحقيق التنمية البشرية. وتهدف إلى تيسير التعليم العالي والبحث العلمي وتشجيعه وإشاعته في مختلف مجالات المعرفة خدمة لأهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية ودفعاً لمسيرتها.