بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وبعد :
إخواني الكرام هذه أول مشاركة لي في هذا المنتدى أسأل الله العظيم أن تكون نافعة ومفيدة للجميع,
- بعد دراسة جادة أخاذة(بتشديد الخاء)ومسؤولة وبعد تصحيح دقيق من أحد العلماء المغيبين(للأسف الشديد), اخترت موضوعي هذا لنستفيد جميعا من تاريخنا المشرق نعم المشرق, فالأمة التي لا تقرأ تاريخها لن تعرف مستقبلها والأمة التي لا تاريخ لها كالشجرة التي لا جذور لها ,
إذن هلموا لنفتح موضوعنا في أحد الفتوحات الإسلامية المباركة ولأن الموضوع طويل فسأقسمه إلى ثلاثة حلقات متتاليات بإذن الله ليسهل قرائتها,
وقبل البدء أريد التنبيه على مسائل هامة :
من ذلك أن المقصد من هذه الكتابة هو معرفة تاريخنا العريق وفتح باب الأمل والتفاؤل بمستقبل زاهر , وهو أيضا تذكير بوعد الله لأوليائه بأن العاقبة لهم وبرحمته ومغفرته,
وتذكير لي ولكم بالتوكل على الله وحسن الظن به, وترك القلق على المستقبل بأمور الدنيا الفانية,
ولم أجعل للموضوع حواشي تخفيفا على القارء وتسهيلا له لتكون القراءة مستمرة والفكرة متصلة, وجعلت المراجع مع النقل في أصل الكتابة , وأيضا لم أنقل إليكم أسماء العلماء أو الأساتذة مقتديا ببعض من سبق , ورأيته أنفع وأسهل للمبتدئ , فحينا أنقل بتصرف وحينا بالنص وحينا بما فهمته,
إعلم أخي القارئ أن الفتح الإسلامي أسرع الفتوح لأنه مؤيد من الله أحكم الحاكمين سبحانه وتعالى وأبقى على مدار الأزمان وهو من أعظم الأعمال يتقرب به المسلمون إلى الله لأنهم بهذه االفتوحات يوصلون الحق إلى الخلق,
إن نصر الله عز وجل متحقق لمن يستحقونه وهم المؤمنون الذين يثبتون حتى النهاية الذين يثبتون على البأساء والضراء الذين يصمدون حين تتزلزل القلوب الذين لا يحنون رؤوسهم إلا لخالقهم سبحانه وتعالى الذين هم موقنون بنصر الله,
والفتح الإسلامي فيه تحقيق مصالح البشر ونشر النور والمدنية وبه يزدهر اقتصاد الدولة الإسلامية وبه ننشأ المراكز الثقافية التي تخرج لنا العلماء والأدباء ,
الفتوحات هي زاد الطريق , الفتوحات نور للأجيال المسلمة الصاعدة الفتوحات توسع المفاهيم بين الشعوب الفتوحات تذيب الفوارق بين الناس وكانت سببا كبيرا في تنظيم العلاقة بين الحاكم والمحكوم , أما الان فــــــــمــــــــع الـــــــــفـــــــــــتــــــــــــــــــح :
لم تكن أفريقيا مجهولة عن المسلمين، لقد تم فتح مصر أيام الفاروق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، على يد الصحابي الجليل عمرو بن العاص -رضي الله عنه- سنة إحدى وعشرين هجرية، ووجه عمرو عقبة بن نافع للتوغل في أفريقيا، وتم فتح طرابلس الغرب سنة ثلاث وعشرين.
ولما استأذن عمروُ بنُ العاص عمرَ بنَ الخطاب -رضي الله عنهما- بإتمام فتح أفريقيا، لم يأذن له، وكتب إليه قائلا: "لا، إنها ليست بأفريقيا، ولكنها المفرقة، غادرة مغدور بها، لا يغزوها أحد ما بَقِيت" فعمر -رضي الله عنه- يريد إقرار الإسلام في الربوع التي يحل بها الفاتحون قبل متابعة الفتح. وفي أيام عثمان بن عفان -رضي الله عنه- ولي عبد الله بن سعد بن أبي سرح مصر، ففكر جدياً بفتح المغرب العربي، وتخليصه من يد الروم، فبدأ محاولاته الأولى ببعث سرايا هاجمت أطراف أفريقيا الشمالية، وأمده عثمان بجيش عظيم، كان فيه عبد الله بن عمرو، وعبد الله بن الزبير، وعبد الرحمن بن أبي بكر، ومروان بن الحكم.
وفي سنة خمس وأربعين هجرية عيّن معاوية بن أبي سفيان، معاوية بن حديج، كأول والٍ على أفريقيا للدولة الأموية، فتابع الفتح، وكانت أعماله تمهيداً لفتح المغرب العربي.
ولما دخل عقبة بن نافع تونس، اختط مدينة القيروان، لتكون مقراً لجيشه وفعلاً استقر الجيش الإسلامي –حقيقة- بأفريقيا بعد اختطاط القيروان.
وفي عام ستةٍ وثمانين هجرية، تولى موسى بن نصير المغرب، فأخضع البربر، ونشر الأمن في هذه الربوع، واستطاع أن يفتح "طنجة" فترك فيها حامية يقودها مولاه طارق بن زياد، وعهد إليه بالعمل على نشر الإسلام في المنطقة، وعسكر طارق بمن معه من المسلمين على سواحل بحر الزقاق، وبدأت أنظارهم تتجه نحو أسبانيا في العدوة الأخرى، وعاد موسى إلى القيروان تاركاً طارقاً ومن معه بموضعهم في طنجة وما حولها.
وهكذا دخل الشمال الإفريقي في حوزة الإسلام، بحروب عديدة، بل بسلسلة من الحروب استمرت حوالي سبعين سنة متوالية، بدأت ببعثٍ استطلاعيٍّ قام به عقبة بن نافع في ذي القعدة سنة إحدى وعشرين هجرية، وانتهت بحملة موسى بن نصير الأخيرة الموفقة، التي أخضع فيها المغرب الأقصى سنة تسعين هجرية.
لقد لقي المسلمون في شمال أفريقيا من الجهد والخسائر ما لم يلقوا مثله في فتح إقليم آخر، ولا يختلف المؤرخون أن موسى بن نصير وطارقًا بن زياد هما بطلا فتح الأندلس.
أما طارق بن زياد: فهو بربري الأصل، كان طويل القامة، ضخم الهامة، أشقر اللون، نشأ طارق نشأة الفارس، فاشتهر برجولة فذة، وأتقن ركوب الخيل، وامتاز بقوة بنيته، ولد نحو سنة خمسين هجرية, أسلم على يد موسى بن نصير.
وأما موسى بن نصير: فقد ولد سنة تسعَ عشرةَ للهجرة، في خلافة عمر -رضي الله عنه-، لذا فهو من التابعين، وروى عن تميم الداري، أصله من وادي القرى بالحجاز، كان أبوه نصير على حرس معاوية، ونشأ موسى في دمشق، وولي غزو البحر لمعاوية، وخدم بني مروان، وولي لهم الأعمال، فكان على خراج البصرة في عهد الحجاج.
كان عاقلاً كريماً شجاعاً تقياً، وكان من رجال العلم حزماً ورأياً وهمةً ونبلاً وشجاعةً وإقداماً، وهو الذي دوّخ البربر بعد حروب شديدة، ودانت له أفريقيا الشمالية, وكانوا قد أسلموا وحسن إسلامهم، وترك عندهم بعض العرب لتعليم البربر القرآن وفرائض الإسلام، كما بعث الأئمة والدعاة إلى مدن البربر وفيافيهم، فحمل بذلك رسالة الإسلام إلى القلوب ودخل البربر في دين الله أفواجا، -بعد قناعة-، محبةً لله ورسوله.
وفي شمال أفريقيا عكف موسى بن نصير على بناء المصانع، وتجهيز السفن وإنشاء الأساطيل، وتنبه إلى الخطر الرومي الذي لا يزال يتهدد شواطئ أفريقيا الإسلامية، وحين أكمل موسى عتاده البحري الحربي، ترك سياسة الدفاع، وبدأ بالهجوم المنظم على جزر الروم، وتم فتح "طنجة"، وكانت معقلاً حصيناً للثوار، وترك عليها طارق بن زياد، فتطلّع طارق نحو حصن سَبْتَة, الذي عجز المسلمون عن الاستيلاء عليه, أيام عقبة بن نافع وأيام موسى بن نصير، -وكان يحكم سَبْتَة في هذه الآونة "يُليَان"-، أحس يُليَان بقوة المسلمين، وبضغطهم عليه، فعمل على كسب ود طارق بن زياد أمير "طنجة", وكان طارق رجلاً سياسياً بعيد النظر، فصادقه ليستعين به على إخضاع من تحت سلطانه من البربر -وهم كثيرون- فاجتهد في كسب وده؛ لأن أنظاره كانت متجهة نحو الأندلس.
يتبع بإذن الله.......