كان شاباً فقيراً .. يعمل بائعاً .. يتجول في الطرقات ..
وكانت هي امرأة فارغة .. لا تكف عن التعرض للحرام .. كانت مصيدة للشيطان ..
مرّ ذات يوم بجانب بيتها .. أطلت من طرف الباب وسألته عن بضاعته فأخبرها ..
طلبت منه أن يدخل لترى البضاعة .. فلما دخل أغلقت الباب ..
ثم دعته إلى الحرام .. فصاح بها .. معاذ الله ..
وتذكر حاله عندما تذهب اللذات .. وتبقى الحسرات ..
تذكر يوم تشهد عليها أعضاؤه التي متعتها بالزنا ..
رجله التي مشى بها.. يده التي لمس بها.. لسانه الذي تكلم به..
بل تشهد عليه .. كل ذرة من ذراته .. وكل شعرة من شعراته ..
تذكر حرارة النيران .. وعذاب الرحمن ..
يوم يعلق الزناة في النار.. ويضربون بسياط من حديد .. فإذا استغاث أحدهم من الضرب..
نادته الملائكة :
أين كان هذا الصوت وأنت تضحك..
وتفرح..
وتمرح.
. ولا تراقب الله ولا تستحي منه..!!
تذكر قول النبي عليه الصلاة والسلام :
( يا أمة محمد.. والله إنه لا أحد أغير من الله.. أن يزنى عبده.. أو تزني أمته.. يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم.. لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً ) ..
تذكر يوم رأى النبي عليه الصلاة والسلام في منامه رجالاً ونساءً عراة في مكان ضيق مثل التنور .. أسفله واسع وأعلاه ضيق .. وهم يصيحون ويصرخون .. وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم .. فإذا أتاهم ذلك اللهب صاحوا من شدة حره ..
فقال صلى الله عليه وسلم : من هؤلاء يا جبريل ؟
قال : هؤلاء الزناة والزواني ..
فهذا عذابهم إلى يوم القيامة ..
ولعذاب الآخرة أشد وأبقى ..
نسأل الله العفو والعافية .
قالت له نفسه : افعل وتب
.. قال .. أعوذ بالله ..
كيف أهتكت ستر ربي .
. كيف أنظر إلى امرأة لا تحل لي والله عز وجل من فوقنا .
. ينظر إلينا .
. كيف نختفي من الخلق ..
ونفجر أمام الخالق ..
فبقي ساكناً يفكر في مخرج
.. وينظر على الباب ..
فصاحت به الفاجرة : والله إن لم تفعل ما أريده منك صرخت .
. فيحضر الناس فأقول : هذا الشاب..
هجم عليَّ في داري
.. فما ينتظرك بعدها إلا القتل أو السجن ..
فأخذ الشاب العفيف يرتجف .
. خوّفها بالله فلم تنزجر ..
فلما رأى ذلك
.. فكر في حيلة يتخلص بها ..
فقال : أريد الخلاء .. الحمام .. فأشارت له إليه .
.
فلما دخل الخلاء ..
نظر إلى نوافذه فإذا هو لا يستطيع الهرب من خلالها ..
ففكر في طريقة يتخلص بها ..
فأقبل على الصندوق الذي يُجمع فيه الغائط ..
وجعل يأخذ منه ويلقي على ثيابه.
. ويديه..
وجسده..
ثم خرج إليها.. فلما رأته صاحت .
. وألقت في وجهه بضاعته
.. وطردته من البيت ..
فمضى يمشي في الطريق .
. والصبيان يصيحون وراءه
: مجنون..
مجنون..
حتى وصل بيته..
فأزال عنه النجاسة..
واغتسل..
فلم يزل يُشمُّ منه رائحة المسك.
. حتى مات..
( ذكر القصة ابن الجوزي في المواعظ ) ..
[b]