ﺑﺴﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ
ﺳﻤﻌﺖ ﺍﻷﻡ ﺍﺿﻄﺮﺍﺑﺎ ﻓﻲ ﺑﻄﻨﻬﺎ ، ﺗﻼﻩ
ﺿﺮﺏ ﻣﺆﻟﻢ ..
ﺫﻫﺒﺖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ ، ﻓﺰﻑ ﻟﻬﺎ
ﺍﻟﺒﺸﺮﻯ ، ﻗﺎﻝ : ﻳﺎ ﺑﺸﺮﻯ ﻫﺬﺍ ﻏﻼﻡ
ﻟﻢ ﺗﺴﻊ ﺍﻷﺭﺽُ ﺍﻷﻡَ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺮﺡ ،
ﺳﺠﺪﺕ ﻟﻠﻪ ﺷﺎﻛﺮﺓ ، ﺣﻤﺪﺗﻪ ﺑﻠﺴﺎﻧﻬﺎ
ﻭﺟﻮﺍﺭﺣﻬﺎ ، ﺭﻓﻌﺖ ﻳﺪﻳﻬﺎ ﺇﻟﻴﻪ .. ﻧﺎﺟﺘﻪ
ﻗﺎﺋﻠﺔ : ﺭﺏُّ ﻫﺐ ﻟﻲ ﻣﻦ ﺫﺭﻳﺘﻲ ﻗﺮﺓ
ﻋﻴﻦ .
ﺑﺪﺃ ﺳﻌﺪ ﺑﺎﻟﻤﻌﺎﻓﺴﺔ ﻓﻲ ﺑﻄﻦ ﺃﻣﻪ ..
ﻳﺘﺤﺮﻙ ﻫﻨﺎ ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺑﻜﻞ ﻓﺮﺡ ﻭﺣﺒﻮﺭ
ﻷﻧﻪ ﺧﺎﺭﺝ ﺇﻟﻰ ﺣﻴﺎﺓٍ ﺭﺣﺒﺔ ، ﻇﺎﻧﺎ ﺃﻥ
ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﻊ ﺳﻌﺘﻬﺎ ﺃﺳﻌﺪُ ﻣﻦ ﺑﻄﻦ ﺍﻷﻡ
ﻣﻊ ﺿﻴﻘﻪ !!
ﺃﻣﺎ ﺃﻣُّﻪ .. ﻓﻌَﻴﻨﻬﺎ ﺍﻣﺘﺰﺟﺖ ﺑﺪﻣﻊ ﺍﻷﻟﻢ
ﻭﺍﻷﻣﻞ، ﻭﺍﻟﻔﺮﺡ ﻭﺍﻟﺤﺰﻥ، ﻭﺍﻟﺪﻣﻊ ﺍﻟﺤﺎﺭ
ﻭﺍﻟﺒﺎﺭﺩ ..
ﺃﻟﻢ ﺍﻟﺤﻤﻞ ﻭﺃﻣﻞ ﺍﻟﺬﺭﻳﺔ ، ﻓﺮﺡ ﺍﻷﻭﻻﺩ
ﻭﺣﺰﻥ ﺍﻟﻮﻻﺩﺓ ، ﺩﻣﻌﻬﺎ ﺍﻟﺤﺎﺭ ﺧﻮﻓﺎ
ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻣﺲ ﺍﻟﺴﻮﺀ، ﻭﺍﻟﺪﻣﻊ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩ
ﻷﻧﻪ ﺧﻴﻞ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻧﺠﺎﺣﻪ ﻓﻼ ﺗﺮﺍﻩ ﺇﻻ
ﺭﺟﻼ ﻳﻀﺮﺏ ﺑﻪ ﺍﻟﻤﺜﻞ .. ﺳﻨﺪﺍ ﻟﻠﻈﻬﺮ ،
ﻭﻋﺼﻰ ﻳﺘﻮﻛﺄ ﻋﻠﻴﻬﺎ .
ﺟﺎﺀ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺩ ﻭﻓﺮِﺡ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪُ
ﺑﺎﻟﻤﻮﻟﻮﺩ :
ﺧﺮﺝ ﺳﻌﺪ ﻳﺘﻨﺴﻢ ﻋﺒﻴﺮ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻳﺄﺧﺬ
ﻧﻔﺴﺎ ﻋﻤﻴﻘﺎ ﻳَﺮﻭِﻱ ﻋﻈﻤَﻪ ﺍﻟﻄﺮِﻱَّ
ﺍﻟﻐَﺾَّ .
ﺷﺐ ﻗﺮﻧُﻪ ﻭﺑﺪﺍ ﻣﺴﻴﺮُ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻣﺨﺎﻟﻔﺎ
ﻟﻤﺎ ﻋﻮّﻟﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻣﻪ ، ﺣﻠُﻤﺖ ﺃﻥ ﻳﺼﺒﺢ
ﺭﺟﻼ ﺻﺎﻟﺤﺎ ﻓﺄﻣﺴﻰ ﻃﺎﻟﺤﺎ ، ﻳﺮﻯ ﻧﻮﺭَ
ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻓﻴﺤﻴﺪ ﻋﻨﻪ ﻭﻇﻠﻤﺔَ ﺍﻟﺸِّﻌﺐ
ﻓﻴﺄﻭﻱ ﺇﻟﻴﻪ . .
ﻓﻤﺎ ﺣﺎﻝ ﺳﻌﺪ ؟ !!
ﺳﻌﺪ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻌﻀﻼﺕ ﺍﻟﻤﻔﺘﻮﻟﺔ
ﻭﺍﻟﻨﻈﺎﺭﺓ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﺀ ، ﻳﺮﻛﺐ ﺭﺃﺳَﻪ
ﻭﻳﺨﺎﻟﻒ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻳﻤﺸﻲ ﻣﻊ ﻫﻮﺍﻩ ،
ﻳﺴﻤﻊ ﻧﺪﺍﺀ ﺍﻷﺫﺍﻥ ﻓﻼ ﻳﻠﺒﻲ ، ﻭﻳﺮﻯ
ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺗﺆﻡ ﺑﻴﺖ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻫﻮ ﺻﺎﺩ ﻋﻨﻪ ،
ﺃﻋﺠﺒﺘﻪ ﻧﻔﺴﻪ ، ﻭﻏﺮﺗﻪ ﺍﻷﻣﺎﻧﻲ ، ﻭﻇﻦ
ﺃﻥ ﺳﻌﺎﺩﺗﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻔﻌﻞ ..
ﺿﻴﻊ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻭﻗﺘﻪ ،ﻛﺄﻥ ﻭﺟﻮﺩﻩ ﻓﻲ
ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺫﻧﺐ ﻗﺎﺑﻠﻪ ﺑﻌﺼﻴﺎﻥ ﻭﺗﻤﺮُّﺩ
ﻭﺗﻨﻤُّﺮ !!
ﻳﻔﺘﺢ ﻋﻴﻨﻪ ﻣﻦ ﺳﺒﺎﺕ ﻏﻤﻴﻖ ﻏﻂ ﻓﻴﻪ ،
ﻳﺘﻌﺎﺟﺰ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ، ﺃﺛﻘﻠﺘﻪ ﺍﻟﺬﻧﻮﺏ ،
ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻬﻪ ﺿﻮﺀ ﺃﺳﻮﺩ ﻓﺤَﺪَﻗُﻪ ﻣﻈﻠﻢ،
ﺗﺜﺎﺋﺐ ﺗﺜﺎﺅﺏ ﻣﻦ ﺑﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻓﻲ ﺃﺫﻧﻪ
ﻭﻧﻬﺾ ﻗﺎﺋﻤﺎ
ﻭﺑﻴﻨﻤﺎ ﻫﻮ ﻳﻤﺸﻲ ﻓﻲ ﺣَﻤﺄﺓ ﺍﻟﻠﻬﻮ
ﺃﺻﺎﺑﺘﻪ ﺣُﻤَّﻰ ﺷﺪﻳﺪﺓ ﻓﻄﺮﺣﺘﻪ ﻟﻠﻔﺮﺍﺵ
ﺻﺮﻳﻌﺎ ،ﻛﺎﻥ ﺟﺴﺪﻩ ﻳﻤﺎﻧﻊ ﺍﻷﻣﺮﺍﺽ
ﻓﺄﺻﺒﺢ ﻣﺮﺗَﻌﺎ ﻟﻠﻮﺑﺎﺀ ، ﺫﻫﺐ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ ﻓﺤﺬّﺭﻩ ﻭﺃﻧﺬﺭﻩ ﻣﻦ ﺍﺗﺨﺎﺫ
ﺍﻟﺨﻠﻴﻼﺕ ﻭﺷﺮﺏ ﺍﻟﻤﺴﻜﺮﺍﺕ ، ﻭﻟﻴﺘﻪ
ﺳﻤﻊ ﻓﻮﻋﻰ !!
ﻭﻣﻊ ﻛﺮِّ ﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ ﻭﻓﺮِّﻫﺎ ﻭﺇﻗﺒﺎﻝ ﺍﻷﻳﺎﻡ
ﻭﺇﺩﺑﺎﺭﻫﺎ ﺣﺎﻥ ﻣﻮﻋﺪ ﺍﻟﺮﺣﻴﻞ ﻭﺁﺫﻧﺖ
ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺑﺎﻹﻳﺎﺏ ، ﻭﺃُﺧﺬﺕ ﺍﻟﻮﺩﻳﻌﺔُ
ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﺩﻋﺔ .
ﺍﻋﺘﺮﻯ ﺳﻌﺪﺍ ﺿﻌﻒٌ ﻓﻲ ﺟﺴﺪﻩ ..
ﺗﻨﻤّﻠﺖ ﺃﻃﺮﺍﻓﻪ ﺧﺎﺭﺕ ﻗﻮﺍﻩ ، ﻧﺎﺩﻯ :
ﺃﻣﺎﻩ ﺃﻣﺎﻩ ..
ﻟﺒّﺖ ﺍﻟﻨﺪﺍﺀَ ﺃﻣُﻪ ﺗﻬﺮﻭﻝ ﻭﺗﻘﻮﻝ : ﻭﻟﺪﻱ
ﺣﺒﻴﺒﻲ ﻫﻞ ﺃﺻﺎﺑﻚ ﻣﻦ ﺿﺮﺭ ؟
ﺿﻤﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﺻﺪﺭﻫﺎ ، ﻧﻀﺤﺖ ﻭﺟﻬَﻪ
ﺑﺎﻟﻤﺎﺀ ، ﺇﻻ ﺃﻥ " ﺳﻌﺪﺍ" ﻳﺼﺎﺭﻉ ﺷﻴﺌﺎ
ﻻ ﻳﺸﺒﻪ ﺍﻟﻤﺮﺽ ..
.. ﻧﺎﺩﺗﻪ : ﺳﻌﺪ ﺳﻌﺪ ، ﻭﺑﺼﺮﻩ ﺷﺎﺧﺺ
ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻛﺄﻧﻪ ﻳﺮﺗﻘﺐ ﺿﻴﻔﺎ ﻣﻔﺰﻋﺎ
ﻭﺑﻌﺪ ﺷﺪﺓ ﻫَﻮْﻝٍ .. ﺟﺎﺀﻩ ﺍﻟﻀﻴﻒ ﺫﻭ
ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻷﺳﻮﺩ ﻭﺍﻟﻌﻴﻦ ﺍﻟﺠﺎﺣﻈﺔ .. ﻣﺪ
ﻳﺪﻩ ﺇﻟﻰ ﺟﻮﻑ ﺳﻌﺪ ﻛﺄﻧﻪ ﻭﺟﺪ ﻣﺎ
ﻓﻘﺪ .. ﻟﻘﺪ ﻧﺰﻉ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﻧﺰﻋﺎ ﺷﺪﻳﺪﺍ
ﻏﻠﻴﻈﺎ ﻛﺄﻧﻪ ﺍﻗﺘﻠﻊ ﺟﺴﺪﻩ ﻛﻠﻪ ، ﻭﺳﻌﺪ
ﻳﺼﺎﺭﺥ ﻭﻳﻀﻄﺮﺏ ﻭﻻ ﻣﻨﺠﻰ ﻣﻦ
ﺍﻟﻤﻮﺕ ، ﻗﺪ ﺣﺎﻥ ﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﺗﺤﺬﺭﻩ ﻳﺎ
ﺳﻌﺪ .
ﺃﺭﺍﺩ ﺳﻌﺪ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﺴﻄﻊ ، ﻛﺎﻥ
ﻳﺮﻳﺪ ﺍﻟﻘﻮﻝ ": ﺭﺏ ﺍﺭﺟﻌﻮﻥ ﻟﻌﻠﻲ ﺃﻋﻤﻞ
ﺻﺎﻟﺤﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺗﺮﻛﺖ"
ﻣﺎ ﺯﺍﻝ ﺳﻌﺪ ﻳﻘﺎﺗﻞ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻭﻟﻜﻦ ﻻ
ﻃﺎﻗﺔ ﻟﻪ ﺑﻤﻠﻚ ﺍﻟﻤﻮﺕ !!
ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺍﻟﻨﺰﻉ ﻳﺴﻴﺮﺍ ﺑﻞ ﻏﺮﻗﺎ ، ﻟﻘﺪ
ﻫﺮﺑﺖ ﺭﻭﺣُﻪ ﻓﻠﻢ ﺗﺪﻉ ﻋِﺮﻗﺎ ﻭﻻ ﻋَﺼَﺒﺎ
ﺇﻻ ﺍﺧﺘﺒﺄﺕ ﺧﻠﻔﻪ ..
ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻏﺎﺭﻕ ﻓﻲ ﻧﺰﻋﻪ ، ﻓﺎﻟﻌﺬﺍﺏ
ﻋﺴﻴﺮ ﻭﻻ ﻃﺎﻗﺔ ﻟﻠﺠﺒﺎﻝ ﺍﻟﺮﻭﺍﺳﻲ
ﺑﻪ .'!!
ﻭﺫﻫﺐ ﻣﻠﻚ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻣﺘﺄﺑﻄﺎ ﺷﺮﺍ ، ﺗﺎﺭﻛﺎ
ﺟﺴﺪﻩ ﺍﻟﻤﺴﺠﻰ ﺑﺎﻟﻬﻮﻝ ﻭﺍﻟﻬﻠﻊ . ..
ﺑﻘﻲ ﺳﻌﺪ ﺟﺜﺔ ﻫﺎﻣﺪﺓ ﻻ ﺗﻄﻴﻖ ﺣﺮﺍﻛﺎ
ﺑﻞ ﻫﻲ ﺃﺷﺪ ﻣﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﺳﻜﻮﻧﻬﺎ ..
ﺿﺮﺑﺖ ﺍﻷﻡ ﺻﺪﺭﻫﺎ ﻭﻗﺎﻟﺖ : ﺑﻨﻲَّ ﺳﻌﺪ
ﻭﻗﺘﻚ ﺍﻷﻭﺍﻗﻲ ، ﺃﺟﺒﻨﻲ ، ﻣﺎ ﺫﺍ
ﺃﺻﺎﺑﻚ ؟
ﻓﻠﻤَّﺎ ﻟَﻢْ ﻳﺠﺐ ﻋﺮﻓﺖ ﺃﻥ ﻟﻴﺲ ﺛﻤﺔ
ﻣﺮﺽ .. ﺇﻧﻪ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺮﺩﻩ ﻣﻠﻚ
ﻣﻘﺮﺏ ﻭﻻ ﻧﺒﻲ ﻣﺮﺳﻞ
ﻛﺎﻥ ﺳﻌﺪ ﺗﺎﺭﻛﺎ ﻟﻠﺼﻼﺓ ﻣﺠﺎﻧﺒﺎ ﻟﻠﻄﺎﻋﺔ
ﺑﻌﻴﺪﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﺨﻴﺮ ، ﻓﺘﺤﺮﺟﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻼﺓ
ﻋﻠﻴﻪ ، ﻭﻟﻢ ﻳﺠﺪﻭﺍ ﺑُﺪﺍ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻠﻘﻮﻩ
ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﺒﺮﺓ ﺭﻣﻴﺎ، ﻛﺄﻧﻪ ﻣﺘﺎﻉ ﻗﺪ
ﺍﺳﺘﻐﻨﻲ ﻋﻨﻪ .
ﺣﻤﻠﻮﻩ ﻋﻠﻰ ﺃﻛﺘﺎﻓﻬﻢ ﻭﻫﻮ ﻳﺴﻤﻊ ﻗﺮﻉ
ﻧﻌﺎﻟﻬﻢ ﻭﻳﻘﻮﻝ : ﺇﻟﻰ ﺃﻳﻦ ؟ ﺃﻳﻦ
ﺗﺬﻫﺒﻮﻥ ﺑﻲ ؟
ﺃﻧﺎ ﺳﻌﺪ ﺍﺑﻨﻜﻢ ﻭﻗﺮﻳﺒﻜﻢ ، ﺩﻋﻮﻧﻲ ﺃﺻﻞ
ﻟﻠﻪ ﺭﻛﻌﺎﺕ ﻟﻌﻠﻪ ﻳﻐﻔﺮ ﻟﻲ ﺧﻄﻴﺌﺘﻲ ،
ﻟﻘﺪ ﺿﺮﺑﺖ ﻓﻼﻧﺎ ﻭﺷﺘﻤﺖ ﻓﻼﻧﺎ ﺃﺭﻳﺪ
ﺍﻟﻤﻐﻔﺮﺓ ﻣﻨﻬﻢ ، ﻭﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻤﺘﺠﺮ ﻳﺮﻳﺪ
ﻣﺎﻻ ﻟﻢ ﺃﻋﻄﻪ ، ﻭﻗﺪ ﺍﺳﺘﻌﺮﺕ ﻣﺘﺎﻋﺎ
ﻓﺠﺤﺪﺗﻪ ...
ﻭﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﺴﻤﻊ ﻧﺪﺍﺀَﻩ ﺇﻻ ﺭﺑُﻪ ، ﻭﻻ
ﺣﻴﺎﺓ ﻟﻤﻦ ﻳﻨﺎﺩﻳﻬﻢ
ﺍﻗﺘﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻔﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﺘﻜﻮﻥ ﻟﻪ
ﻣﺄﻭﻯ ﻭﻣﺼﻴﺮﺍ !!
ﺭﺃﻯ ﺳﻮﺭَ ﺍﻟﻤﻘﺒﺮﺓ ﻛﺄﻧﻪ ﻗﻴﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻨﻖ
ﻳﻘﻄﻊ ﺍﻟﻮﺭﻳﺪ ﻭﻳﺸﺪ ﺍﻟﻮﺛﺎﻕ !! !!
ﺍﻗﺘﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻘﺎﺑﺮ ﻛﺄﻧﻬﺎ ﻏﺎﺑﺔ ﻣﻮﺣﺸﺔ
ﻻ ﻳﺄﻧﺲ ﺑﻬﺎ ﺇﻻ ﺍﻷﺑﺎﻟﺴﺔ !! !!
ﺍﻟﻨﺒﺎﺕ ﺫﺍﺑﻞ ، ﻭﺍﻟﺸﺠﺮ ﻣﺤﺘﺮﻕ ، ﻭﻛﻞ
ﺷﻲﺀ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺧَﺮِﺏ ﺧَﺮِﺏ ،
ﻓﻜﻞ ﻣﺎ ﺗﺮﺍﻩ ﻳﺪﻋﻮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻮﺕ ، ﻻ
ﺣﻴﺎﺓ ﺑﻌﺪ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ، ﺃﻭﺍﻩ ﺛﻢ ﺃﻭﺍﻩ .
ﻟﻘﺪ ﺑﺪّﻟﻮﺍ ﺍﺳﻤﻪ ، ﻓﻜﺎﻥ "ﺳﻌﺪﺍ" ﻓﻲ
ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ، ﺃﻣﺎ ﺍﻵﻥ ﻓﻬﻢ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﺃﻳﻦ
" ﺍﻟﻤﻴﺖ" ؟ ، ﻭﻳﻘﻮﻟﻮﻥ : ﺿَﻌُﻮﺍ
" ﺍﻟﺠﻨﺎﺯﺓ" ﻫﻨﺎ .
ﻳﺎﻟﻠﻪ !! ﻣﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺧُﺪﻉ ﺑﺒﺮﻳﻖ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ
ﺛﻢ ﻟﻢ ﺗﻤﻬﻠﻪ ﺣﺘﻰ ﺭُﻣِﻲ ﻓﻲ ﺣﻮﻣﺔ
ﺍﻟﺮﺩﻯ ..
ﺃﻧﺰﻟﻮﺍ ﺭﺃﺳﻪ ﺃﻭﻻ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻔﺮﺓ
ﺍﻟﻀﻴﻘﺔ ﻓﺮﺃﻯ ﻇﻼﻣﺎ ﻋﻤﻴﻘﺎ ﻭﻗَﻌﺮﺍ
ﻣُﺨﻴﻔﺎ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﻤﺴﻚ ﺑﻴﺪ ﻣﻦ ﻳﺪﻓﻨﻪ
ﻟﻴﻘﻮﻝ ﻧﺸﺪﺗﻚ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻻ ﺗﺮﻛﺘﻨﻲ ..
ﺩﻋﻨﻲ ﻭﺷﺄﻧﻲ
ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ ﺭﺣﻤﺔ ﻭﻻ ﺗﻮﺳﻞ
ﻓﻼ ﻳﺨﺮﻕ ﻧﻮﺍﻣﻴﺴَﻪ ﺃﺣﺪٌ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ !
ﺍﺳﺘﻘﺮ ﺳﻌﺪ ﻓﻲ ﻇﻠﻤﺔ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﻭﻫﻮ ﻳﺮﻯ
ﺑﻌﻴﻨﻪ ﺍﻟﻔﺎﻧﻴﺔ ﻫﻴﻼﻥ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﻋﻠﻴﻪ ،
ﻭﻳﻘﻮﻝ ﻣﺎ ﺫﺍ ﻓﻌﻠﺖُ ﺑﻬﻢ ؟
ﻃﻢَّ ﺍﻟﺜﺮﻯ ﺟﺴﺪَﻩ ﻓﻠﻢ ﻳﻌﺪ ﻳﺮﻯ ﺷﻴﺌﺎ ،
ﺍﻟﺘﻘﻤﻪ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﻭﻫﻮ ﻣُﻠﻴﻢ ، ﻓﺴﻌﺪ ﻣُﺤﺎﻁ
ﺑﺎﻟﻀﻨﻚ ﻭﺍﻟﻜﺪﺭ ﻭﻻ ﺭﺍﺩَّ ﻟﻤﺎ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻟﻠﻪ .
ﺛﻢ ﻭﺿﻌﻮﺍ ﻟﺒِﻨﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺛ