بسم الله الرحمن الرحيم
التاريخ : 22/07/2011
الموضوع: النصيحة ، كيف ومتى ولمن تكون...؟
إن الحمد لله ...
النصيحة من معانيها: الاخلاص و الصدق و النقاء و الصراحة و الصفاء ، و الناصح :النقي الخالص من كل شيء .
ومن معانيها :الإصلاح والنماء قال ابن الأتير :< النصيحة :كلمة يعبر بها عن جملة ،هي ، إرادة الخير للمنصوح له >
أيها الاخوة : تقديم النصيحة كانت رسالة كل رسل الله عليهم السلام ، فقد سجل القرآن الكريم على لسان سيدنا نوح قوله لقومه :
<<أ بلغكم رسالات ربي و أنصح لكم و أعلم من الله ما لا تعلمون>> الأعراف 62. و على لسان سيدنا هود :
<< أبلغكم رسالات ربي و أنا لكم ناصح أمين >> الأعراف 68 و على لسان سيدنا شعيب :
<<لقد أبلغتكم رسالات ربي و نصحت لكم >>
- و لقد أشار النبي(ص) إلى تلك المكانة العليا للنصيحة ،حيث عرف الدين بأنه النصح للمسلمين فقال :
<< الدين النصيحة >>قيل: لمن ؟ قال :<<لله و لكتابه ،و لرسوله ، و لأئمة المسلمين وعامتهم >> رواه مسلم
-كما أنه (ص) أخذ البيعت من الصحابة على النصيحة ضمن أفعال ثلاثة . فعن جرير بن عبد الله (ض)قال :
<< بايعت رسول الله (ص) على إقام الصلاة ، و إيتاء الزكاة ، و النصح لكل مسلم >>البخاري
-حكم النصيحة :يقول الإمام النووي نقلاً عن ابن بطال -رحمهما الله - إن النصيحة تسمى دينا وإسلاماً ،
و النصيحة فرض يجزي فيه من قام به و يسقط عن الباقي.
و النصيحة لازمة على قدر الطاقة إذا علم الناصح أنه يقبل نصحه و يطاع أمره ، و أمن على نفسه المكروه ، فإن خشي على نفسه أذى فهو في سعة. .اه.
-والنصيحة للمسلم تتجلى في أمور كثيرة أذكر منها :
1_ أن يرشده لمصالحه الدينية و الدنيو ية .
2_ أن يكف عنه الأذى ....
3_ أن يستر عوراته....
4_ أن يدفع المضار عنه و أن يجلب المنافع له ...
5_ أن يعلمه ما يجهله في أمور دينه ، ويعينه عليه بالقول والفعل
6_ أن يأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر برفق
7_ أن يترك غشه وحسده...
8_ أن يوقره إن كان كبيراً ، ويرحمه إن كان صغيراً ....
أيها الاخوة:
_ لكن قبل أن يقوم المسلم بنصح أخيه لا بد من مراعات ما يلي :
1_ الاخلاص لله عز وجل ، وليس لغرض دنيوي...
2_ أن يكون هو نفسه يطبق ما يقول ...
3_ التأكد من الأمر الذي ينصح به من الناحية الشرعية ....
4_ تخير الوقت المناسب ...
5_ تحسس الجو النفسي المهيء لسماع النصيحة ...
6_ الذكاء في انتقاء واستخدام الكلمات المناسبة .
7_ إظهار الحب و إبداء الود بإخلاص قبل الشروع في توجيه النصيحة
8_ يجب أن تكون النصيحة سرا بين الناصح والمنصوح .
قال الإمام الشافعي : من وعظ أخاه سراً فقد نصحه وزانه ، ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه ....
وقال أيضاً :
تعمدني بنصحك في انفرادي ... وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس نوع ... من التوييخ لا أرض استماعه
فإن خالفتني وعصيت قولي ... فلا تزعج إذا لم تعط طاعة .
9_ عدم إشعار المنصوح بالتكبر والتعالي عليه ، ولا تجعله يشعرفي كلامك بنغمة التفوق والاستعلاء، والاستهزاء ...
10_ أشعر المنصوح بتقبلك شخصياً للنصح إن هو أو غيره نصحك ، وأنك غير منزه عن الخطأ ...
11_ أشعر المنصوح بتقديرك لظروفه، وانك تلتمس له الأعذار ...
12_ احذر أن يتحول موقف النصيحة إلى ساحة جدال عقيم ومناقشة عدائية...
_ وهناك أمور يجب أن تتوفر في المنصوح :
1_ الترحيب بالنصيحة بقلب سمح ووجه مبتسم ...
2_ التعبير عن قبولها بالامتنان والتقدير ...
3_ التصميم والعزم على الشروع في العمل بهذه النصيحة ...
_ إذا لم تجد من المنصوح هذه الأشياء رغم قيامك بالنصيحة على أكمل وجه فاعلم :
1_ أن النصيحة واجبة علينا وعبادة نؤديها لله عز وجل ...
2_ أن أفضل الناصحين قوبلوا بمثل أو أشد ما قوبلت أنت به ...
_ إذا حاورك المنصوح فاحرص على محاورته بالحسنى ، وإن أساء إليك فلا ترد إساءته ، بل افعل ما فعل هود عليه السلام:
" وإلى عاد أخاهم هودا قال ياقوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره أفلا تتقون، قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهة
و إنا لنظنك من الكاذبين ..."(الأعراف 68)
إذا لم تجد نتيجة من الحوار، فانهه فوراً ، وافعل كما فعل صالح
عليه السلام :" فتولى عنهم وقال ياقوم ..."
_ لا تتقاعس إذا لم تجد تغييرا فورياً في سلوك المنصوح وواصل النصح له لأنك لا تدري متى يزرع الله نور التوبة في قلبه فيستجيب لنصيحتك ..