المزاعم وثوابت المكارم بين العرب والأمازيغ
ولما قد يقصده البعض من مزاعم أمازيغية نقول
- في ظل التمازج الاجتماعي والصهر والتواصل فقد لا يكون من الممكن لنا تحديد من هم الأمازيغ أو البربر ومن هم العرب في المغرب إلا توهما وإسقاطا ذاتيا،فقد يكون من يتكلم الأمازيغية بطلاقة وليس له أية علاقة بالأمازيغ جذورا أو نسبا،ومنهم من يتكلم العربية وحدها وليس له أصل عربي بتاتا وهكذا،بل هناك من يدعي نسبته إلى آل البيت وليس له منه إلا الادعاء،وعلى العكس فقد يكون من هو فعلا من أهل البيت ولا يدعي نسبته إليهم إما أنه لا يعلمه و أنه لا تهمه مسألة النسب بقدر ما تهمه قيمته الأخلاقية والعملية وهكذا...
- إن مزاعم الهوية الوطنية وتعددها باسم الأمازيغية كمنافي ومزاحم للعربية الرسمية والعلمية قد يجر إلى نزعات الانفصال والإضرار بالقضية الوطنية الأولى،وذريعة للمطالبة باستدعاء اللهجة الحسانية بالصحراء لكي تعلن ضرورة مساواتها باللهجات المعترف بها رسميا على قدم المساواة مما قد يؤدي إلى التزاحم والتصادم...
-إن استبدال مصطلح البربر بالأمازيغ دليل على اهتزاز المواقف وذاتيتها وانسلاخ عن مزاعم الهوية والأصالة وذلك لتمرير مشروع غير واضحة إيجابياته وعائداته على المستوى الوطني والاجتماعي والعلمي واللغوي .
- إن استبدال الخط العربي بالخط الأمازيغي تيفيناغ أو الفرنسي قد يعبر عن سوء النية والانتكاسة الفنية والذوقية في تحصيل الهوية،إذ في نظرنا وتقييمنا أن الخط الأمازيغي الحالي هو عبارة عن حروف مسمارية ووشم وشتات حرفي وخبط وخلط بين الأعداد المتصلة والمنفصلة أي بين الحساب والهندسة ،وليست حروفا بمعنى الكلمة،كما أنها تفتقد إلى التناسق والجمالية والصفة الهندسية الطبيعية ،وهي ذات خلفيات مصطنعة ضد السير والتنامي الطبيعي والتاريخي للأمازيغية وتكريس لنزعة خالف تعرف،ولا علاقة لها بالأرض والواقع،ولقد كان الأولى التزام الرسم العربي في الكتابة لعدة أسباب موضوعية ونفسية واجتماعية ووطنية.
بحيث أننا نرى الفارسية بإيران رغم عمقها الحضاري وكذلك الأردية بباكستان مازالتا تحتفظان بالرسم العربي ولم يكن ذلك سالبا لهوية تلك الشعوب أو حضارتهم،بينما نرى العكس هو ما حصل عند الأتراك الذين أصبحوا يعانون من أزمة الهوية الثقافية والروحية بسبب ذلك الخط المعقوف والبعيد عن كل مظاهر ومقومات تراثهم الحضاري الشرقي ،لولا حرص القاعدة الاجتماعية وعقلائها على رصيدها الروحي الإسلامي والذين قد بدؤوا مؤخرا يتشوقون إلى العودة للاستظلال بظلاله.
إن إثارة الأمازيغية بهذه الحدة والإلحاح قد لا يخلو إما من نزعة انفصالية أو تسلطية أو شعوبية عنصرية،وهذا فيه إضرار بالوطن واللغة والحضارة والتاريخ،كما أن إقرار الأمازيغية بهذا المزيج الهجين تعبيرا وكتابة قد يؤسس لمبدأ العصيدة أو الحريرة اللغوية التي ستؤدي حتما إلى ارتفاع ضغط الدم بكثرة التوابل وعشوائية حشوها والنزوح نحو الكسل والفشل والتنابز بالألقاب.
-إن الزعم بأن في العربية ألفاظا لا يمكن تداولها عند الأمازيغ وكذلك العكس فيه حجة على أصحاب اللهجات للالتزام باللغة الرسمية للبلاد عند تسجيل الأسماء والوعي بمدلولاتها،وإلا فقد نقصي ثلثي اللغة واللهجات معا من أجل هذه الأوهام،بحيث أن لهجة تطوان ومعاني ألفاظها غير لهجة وجدة وبركان،ولهجة الريف وغمارة غير سوس وأولماس،ولهجة الصحراء غير الشمال والغرب ...
-إن تكريس اللغة العربية كلغة قارة ورسمية للبلاد ينبني على مبدأ إحياء الموات والأرض لمن أحياها واستصلحها.ولا ينكر أحد بأن العربية قد هذبت و أثرت في كل اللهجات لجميع الشعوب التي دخلها الإسلام وعلى رأسها الأمازيغية،مما سهل لها الاندماج مع العربية عبر التاريخ من غير عقدة نقص أوسعي للمزاحمة على مستوى الكتابة والتعبير الرسمي،لأنها لغة القرآن والحضارة.
- إننا كمغاربة نتشرف ونفتخر بطارق بن زياد تماما كما نفتخر بموسى بن نصير وعقبة بن نافع الفهري،كما نعتز بيحيى بن يحيى الليثي على نفس المستوى الذي نعتز بالإمام مالك بن أنس،ونؤرخ بنخوة وصدق موالاة ليوسف بن تاشفين كما نسجله بنفس الإيجاب والحب للحسن الثاني- رحمهم الله جميعا - لا فرق لدينا بين هذا عربي أو بربري أمازيغي طالما أنه قد قدم خدمة تاريخية وعلمية وبطولات وتضحيات من أجل هذا الوطن الغالي،المغرب بلد الوحدة و المسيرة الخضراء المظفرة وبلد الأولياء في مقابل المشرق بلد الأنبياء كما وصفه المؤرخون.
-لا ينبغي تصنيف كل تحرك من طرف كل من العرب أو الأمازيغ لمدح لغتهم أو لهجتهم وكذلك إبراز تراثهم وفنهم،وما أجملها من موسيقى وفن أمازيغي وتراث شعبي،بأنها ذات نزعة شعوبية أو عنصرية عرقية،إذ الكل إخوة بالمواطنة و لكل له الحق في حياته العامة بأن يعبر بما يحلو له من لهجة طالما لا تمت إلى الكراهية والعنصرية بشيء ولا تتعارض مع القيم الثابتة عبر القرون في وجدان كل مجتمع.
- إن المجال الروحي هو الباب الأوحد والأقوى الذي قد تذوب معه كل نزعة شعوبية وتتواصل فيه الأرواح قبل الأشباح والمعاني قبل الألفاظ والمباني،وهذا هو سر توحُّد المغاربة عبر التاريخ بعربيهم وأمازيغيهم على مائدة ثلاثية الأركان وهي:
في عقد الأشعري وفقه مالك وفي طريقة الجنيد السالك وبهذا فسيبقى المغرب دائما وأبدا:
منبت الأحرار مشرق الأنوار
منتدى السؤدد وحماه
دمت منتداه وحماه...
بشعار: الله-الوطن-الملك
والله مؤلف القلوب ومسدد الخطى
منقول باختصار.